
التحالف الوطني للنواقل: بوابة عودة سودانير إلى الساحة الدولية
بقلم- إبراهيم عدلان- لا يخفى على أحد أن قطاع الطيران المدني السوداني يعيش واحدة من أكثر مراحله تدهوراً، وأن سودانير، التي كانت يوماً ما من أوائل الشركات في المنطقة، فقدت موقعها ومكانتها وأبسط مقومات البقاء. في ظل هذا الواقع، لا تصلح الحلول الجزئية ولا المحاولات المنفردة. إن السبيل العملي الوحيد لإعادة بناء قطاع الطيران هو عبر تأسيس تحالف وطني للنواقل الجوية السودانية، يجمع ما تبقى من طاقات تشغيلية، ويخلق كتلة موحدة تؤهل السودان للعودة إلى الساحة الإقليمية والدولية بثقة واستدامة.
التحالف الوطني: منطلق العودة إلى العالمية
تكمن القيمة الجوهرية لهذا التحالف في كونه أداة فعالة لإعادة سودانير إلى الواجهة الدولية من خلال:
- استعادة عضوية الإياتا (IATA) والانضمام لنظام المقاصة BSP
إحدى أكبر مشاكل سودانير اليوم أنها ليست عضواً في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، ولا تستفيد من نظام المقاصة العالمية BSP، وهو ما يحرمها من:
- تسويق تذاكرها عبر آلاف وكلاء السفر حول العالم.
- الدخول في شبكات التعاون المالي والتجاري مع شركات الطيران.
- تحصيل إيراداتها عبر القنوات الرسمية المعترف بها دولياً.
مثال دولي:
الخطوط الرواندية (RwandAir) لم تستطع الانطلاق دولياً قبل انضمامها للإياتا عام 2012، وبعدها فقط تمكنت من تسيير رحلات إلى أوروبا وآسيا، ودخلت اتفاقيات Interline مع شركات مثل Qatar Airways وBrussels Airlines، ما ضاعف حجم مبيعاتها 3 مرات في 5 سنوات.
- الاندماج في اتفاقيات Codeshare وInterline
هذه الاتفاقيات تتيح تبادل المقاعد والربط الشبكي مع شركات أخرى، مما يعزز:
- الوصول لوجهات عالمية دون الحاجة إلى تشغيل خطوط مباشرة.
- زيادة المبيعات دون استثمارات رأسمالية ضخمة.
- تحسين تجربة السفر للراكب عبر تذكرة واحدة ونقل تلقائي للأمتعة.
مثال إقليمي:
مصر للطيران دخلت في تحالف Star Alliance عام 2008، ما مكّنها من الوصول إلى أكثر من 130 وجهة عبر شبكة التحالف، وأدى إلى رفع نسبة إشغال الطائرات وخفض التكاليف التشغيلية عبر صالات ومكاتب مشتركة في 40 دولة.
مثال خليجي:
الخطوط القطرية استخدمت تحالفها مع Oneworld لتكثيف رحلاتها إلى أميركا وأوروبا عبر بوابة الترانزيت في الدوحة، كما أدخلت شركات صغيرة مثل RwandAir ضمن شراكاتها لتعزيز الانتشار في أفريقيا.
نحو توسيع أسطول سودانير
التحالف الوطني لن يحقق فقط إعادة ارتباط سودانير بالنظام العالمي، بل سيخلق بيئة تشغيلية ومالية تسمح لها تدريجياً بـ:
- توسيع أسطولها الجوي من خلال عقود التأجير أو الشراكة.
- تحسين تصنيفها الائتماني عبر الشفافية والانضباط المؤسسي.
- جذب شركاء استثماريين في التمويل أو التشغيل أو الصيانة.
مثال من أفريقيا:
الخطوط الإثيوبية بدأت عام 2004 بطائرات قليلة وعدد وجهات محدود، ولكن عبر سياسة التحالفات الذكية والكفاءة التشغيلية، باتت اليوم أكبر شركة في أفريقيا بأسطول يفوق 140 طائرة، كثير منها بتمويل من شركاء دوليين.
التحالف الوطني السوداني: الشكل والمضمون
العنصر
التفاصيل
الأطراف المحتملة
سودانير – طيران بدر – تاركو
– مشغلون جدد
شكل التحالف
تنسيقي أو شركة قابضة تشغيلية
الأهداف الأولية
الانضمام لـ IATA – استعادة BSP – توقيع Codeshare
المدى المتوسط
دخول تحالف إقليمي – توسيع الأسطول – تشغيل رحلات مشتركة
الهوية المشتركة
SudanAir Alliance – واجهة تسويقية واحدة للخارج
مشاكل سودانير قابلة للحل بمنطق “الإصلاح من الداخل”، فالعزلة التنظيمية والتجارية التي تعاني منها تتطلب خطة شاملة، تبدأ من الداخل عبر تحالف وطني حقيقي، وتمتد للخارج عبر انضمام تدريجي ذكي للمنظومة الدولية.
إن تأسيس تحالف وطني للنواقل الجوية السودانية هو أول خطوة عملية نحو إنقاذ الطيران السوداني، وإعادة الناقل الوطني إلى مكانه الطبيعي في السماء، من خلال الإياتا، وBSP، والكود شير، وليس عبر الوعود والشعارات.
التحالف ليس رفاهية تنظيمية، بل استراتيجية بقاء ومفتاح مستقبل.