
متابعات- منتدى السودان – تتابع مصر بقلق شديد التطورات الروسية في السودان، حيث تزداد المخاوف من أن تؤدي هذه التدخلات إلى تعقيد الأوضاع في السودان وتعزيز النفوذ الروسي في المنطقة بما يتعارض مع المصالح المصرية.
وتظهر الخطط الروسية في السودان مع استمرار النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في ظل معلومات تشير إلى دعم موسكو لكلا الجانبين، بالإضافة إلى خطط لنقل مقاتلين من “الدعم السريع” إلى ليبيا ليكونوا قوة ضاربة محتملة في أي مواجهة مستقبلية ضد الجيش السوداني.
في الوقت ذاته، تواصل روسيا جهودها لإنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر بالتفاهم مع الحكومة السودانية، وهو ما يعتبره الكثيرون محاولة لتعزيز النفوذ الروسي في أفريقيا والشرق الأوسط. وتضع هذه الخطط مصر في موقف حساس نظرًا لدعمها الواضح للجيش السوداني، وتأثير هذه التطورات على أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية.
إحدى أهم أولويات روسيا في السودان هي بناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر، إذ تسعى منذ سنوات لتعزيز وجودها العسكري في أفريقيا. وبعد مفاوضات طويلة مع الحكومة السودانية، حصلت موسكو على موافقة مبدئية لبناء القاعدة، لكن التنفيذ تأخر نتيجة للتغيرات السياسية والصراعات الداخلية.
إذا تم إنشاء هذه القاعدة، ستمكن روسيا من الحصول على نقطة استراتيجية في أحد أهم الممرات البحرية في العالم، مما يعزز نفوذها في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويمكّنها من تهديد المصالح الغربية في المنطقة. ومع ذلك، فإن هذا التطور يثير مخاوف لدى مصر بشأن تأثير القاعدة على التوازنات العسكرية في البحر الأحمر، خصوصاً في ظل الأدوار التي تلعبها القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.
أما بالنسبة للدوافع الروسية في السودان، فإن تزايد الدور الروسي في السودان وليبيا يضع مصر في موقف حساس، حيث يتعارض دعم روسيا لقوات الدعم السريع مع مصالح مصر في استقرار السودان ووحدة أراضيه.
كما أن هناك تنافساً إقليمياً، إذ تلعب دول مثل الإمارات وتركيا أدواراً مختلفة في الأزمة، مما يزيد من تعقيد المشهد. ويعتبر استقرار السودان بالنسبة لمصر خط دفاع أساسي ضد انتشار الفوضى، وأي دعم روسي لقوات الدعم السريع قد يضعف الجيش السوداني ويهدد المصالح المصرية على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك، فإن نقل المقاتلين إلى ليبيا يمكن أن يعزز الجماعات المسلحة التي تهدد الحدود الغربية لمصر.
في هذا السياق، يؤكد الخبير في الشؤون الأفريقية هاشم علي، أن الخطط الروسية تأتي في إطار سعي موسكو لتحقيق توازن استراتيجي مع الولايات المتحدة في ظل التنافس الدولي. ويشير إلى أن التطورات في الشرق الأوسط تدفع روسيا إلى توسيع نفوذها على المياه الدولية بما فيها الشواطئ السودانية.
لكن الخطط الروسية تواجه بعض العقبات. ويشير الكاتب والمحلل السوداني محمد خليفة إلى أن حكومة السودان تواجه تحديات كبيرة تمنع تنفيذ الطلب الروسي بخصوص إنشاء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر.
ويبرز خليفة أن الشروط المقدمة من موسكو تتضمن بنوداً تُعتبر مجحفة بحق السودان، إذ تنص الاتفاقية على تشغيل القاعدة لمدة 25 عاماً مع إمكانية التجديد لعشر سنوات، ومنع السودان من منح أي دولة أخرى مركز لوجستي مماثل.
وشدد على أن أحد الشروط الأصعب هو عدم خضوع القاعدة للسيادة السودانية، ما يعني أنها ستكون منطقة ذات سيادة روسية داخل الأراضي السودانية. كما تشمل الاتفاقية السماح للسفن النووية باستخدام القاعدة، وهو ما يشكل مخاطر بيئية وأمنية كبيرة.
ويشير خليفة إلى أنه لم يتم تحديد أي مقابل مادي متفق عليه حتى الآن، مما يزيد من الغموض حول فوائد هذه القاعدة للسودان.
العربي الجديد