الرئيسيةقضايا ومجتمع

العلاقات بين السودان ورسيا.. هل تعمق التوتير بالمنطقة؟

لا شك بأن حالة الحرب التي يعيشها السودان ساهمت بشكل كبير بتعميق حالة التوتر وعدم الاستقرار في منطقة البحر الأحمر الهامة استراتيجياً لعدد كبير من الدول الفاعلة في العالم.

 

 

كما أن التدخل الخارجي بالسودان، وتدفق المرتزقة والأموال والسلاح لميليشيا الدعم السريع، عبر الحدود التشادية، بإشراف إماراتي-فرنسي وعدّة قوى غربية لأهداف سياسية بعيدة عن مصالح الشعب السوداني، أسهم بشكل كبير بتعقد الحل وإطالة أمد الصراع، كما أنه أعاق تحقيق استقرار البلاد وزاد التوتر في البحر الأحمر، خاصة وأن السواحل السودانية كبيرة، والدولة السودانية لا تملك القدرات الكافية لضبطها.

 

 

 

ولكن، وفقاً لبعض الخبراء والمراقبين، يتزايد الدعم الدولي للحكومة السودانية يوماً بعد يوم، مع استمرار التقدم العسكري الذي تحرزه قوات “الجيش السوداني” في الميدان ضد ميليشيا الدعم السريع، وذلك بهدف دفعها لاستعادة بسط سلطتها على كامل أراضي البلاد في الوقت الذي لاتزال هناك بعض القوى الغربية والجهات تزود الدعم السريع بكل أنواع السلاح والتكنولوجيا اللازمة لغايات تحقق مصالحها.

 

 

 

تدخل دولي لمساندة الدعم السريع يعيق الحل!

في سياق متصل، أعلنت ميليشيا الدعم السريع، في 3 أبريل الجاري، أنها أسقطت طائرة للجيش السوداني من طراز “أنتونوف” شمالي دارفور، في الوقت الذي أعلنت به سابقاً عن إسقاط طائرات يستخدمها الجيش، بما في ذلك طائرة نقل شمالي دارفور بأكتوبر الماضي وسط حديث عن دور خبراء أوكران بأداء هذه المهام العسكرية المعقدة.

 

وشهد محيط القصر الرئاسي وسط العاصمة، معارك ضارية بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، منذ 18 مارس الماضي، حقّق خلالها الجيش تقدماً لافتاً، وانتهت بسيطرة الجيش على العاصمة.

إلى جانب ذلك، نشر موقع “إنتليجنس أونلاين”، تقريراً حول طلب المخابرات الأوكرانية المساعدة والدعم من فرنسا لمحاربة النفوذ الروسي المتنامي في أفريقيا وإسقاط الأنظمة الموالية لروسيا في القارة السمراء. وبحسب الموقع، “تسعى المخابرات العسكرية الأوكرانية للحصول على مساعدة فرنسية في خطة سرية طموحة لسحب نفوذ موسكو من عدة عواصم أفريقية، والوقت عامل حاسم. خاصة وقد بدأ العد التنازلي لمحادثات السلام الروسية الأمريكية.

 

وبحسب الخبير العسكري سامر الحسن، فإن تقرير “انيلجنس أونلاين” يثبت بشكل قاطع تورط المرتزقة الأوكران في السودان، كما أن تكرار حادثة إسقاط الدعم السريع لعدّة طائرات للجيش، يثبت وجود سلاح نوعي بحوزة الدعم السريع آتٍ من دولة أجنبية، بالإضافة لوجود خبراء يساندون عناصر الدعم خلال المعارك ويدربونهم، وهذا ما يضّر باستقرار المنطقة برمتها، ويهدد الأمن في البحر الأحمر ويقوّض السلطات الشرعية الممثلة بالحكومة السودانية والجيش السوداني بدلاً من دعمهم.

 

 

 

دعم سياسي إقليمي ودولي للسلطات الشرعية في السودان

 

في سياق متصل، أجرى البرهان أواخر مارس الماضي زيارة إلى مصر والسعودية التقى خلالها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في أول جولة خارجية له منذ اندلاع الصراع في البلاد منتصف أبريل الماضي. حيث تم بحث آفاق التعاون بين البلدين، وتم التوافق على إنشاء مجلس تنسيق يعنى بتعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات. وتأتي الزيارة بعد يوم واحد من زيارة أجراها وفد سعودي لمدينة بورتسودان وهي المقر المؤقت للحكومة، بعد طرد ميليشيا الدعم السريع خلال اليومين الماضيين من العاصمة الخرطوم.

 

وبحسب الباحثة المتخصص بالشؤون العربية والإقليمية شروق حبيب فإن مصر والسودان كانوا ومازالوا الداعم العربي والإقليمي الأهم للحكومة السودانية بقيادة البرهان وللسلطات الشرعية، كما أن زيارة البرهان الأخيرة دليل قاطع على الدعم والتأييد السياسي العربي للحكومة السودانية.

 

 

 

أما دولياً، فقد أعلن دميتري بوليانسكي، نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، في 3 ابريل الماضي دعم بلاده الكامل للحكومة السودانية في نزاعها مع الدعم السريع، رافضًا أي محاولات دولية لمساواة “السلطات الشرعية” بما وصفها بـ”المليشيا”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

 

وقال بوليانسكي، إن السلطات السودانية محقّة بمواصلة قتالها. وأضاف أن بعض القوى الغربية، وعلى رأسها بريطانيا، تحاول إعادة تشكيل الوضع الداخلي في السودان بما يخدم مصالحها ومصالح دول أخرى، في تلميح محتمل إلى دولة الإمارات التي اتهمتها الحكومة السودانية رسمياً بدعم قوات “حميدتي”.

 

 

 

السرّاج: السودان يتطلع لشراكة استراتيجية مع روسيا

في سياق متصل، صرّح سفير السودان لدى روسيا الاتحادية محمد السراج، بأن السودان يتطلع إلى الارتقاء بعلاقاته مع روسيا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، ويسعى للحصول على مساعدة روسية في إعادة إعمار البلاد، وذلك يوم الخميس 3 أبريل 2025.

وأكد السفير خلال لقاء صحفي أن البلاد تتطلع بشغف إلى توسيع علاقاته الثنائية إلى آفاق جديدة، وللوصول إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية، منوّهاً بأن روسيا أثبتت أنها دولة صديقة بكل معنى الكلمة، إذ يعوّل السودان على تعاون هادف وحيوي مع روسيا في جميع القطاعات، مما يسمح لها بلعب دور واضح ومباشر في تعافي السودان. مؤكداً بأن موسكو، منذ اندلاع الصراع، اتخذت موقفاً حازماً في دعم الحكومة السودانية، ودعم سلطاتها الشرعية على الساحة الدولية.

 

وأشار السراج إلى أن روسيا استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد قرار في مجلس الأمن الدولي بقيادة بريطانيا، كان من شأنه أن يؤدي إلى تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للسودان. معرباً عن امتنانه لموسكو على موقفها الثابت، الذي حال دون محاولات المساس بسيادة بلاده.

 

وكان السرّاج قد أكد في وقت سابق، عدم تخلًي السودان عن اتفاقية بناء قاعدة روسية بحرية على ساحل البحر الأحمر مع روسيا، مؤكداً استمرار العمل بها.

 

 

 

خبير: تصريحات المسؤولين السودانيين توحي برغبة كبيرة لتوسيع التعاون مع موسكو

 

أكد الباحث في الشؤون السودانية، محمد سعد الكردفاني بأن تصريحات المسؤولين السودانيين حول توسيع التعاون الاستراتيجي مع روسيا توحي برغبة سودانية رسمية بتنفيذ اتفاقية القاعدة البحرية الروسية في الساحل السوداني.

وبحسب الكردفاني، فإن روسيا أثبتت أنها دولة صديقة للسودان ووقفت بشكل جدّي لجانب الحكومة السودانية، ولم تساهم بزعزعة استقرار البلاد، ولم تنكث بعودها مما زاد مستوى ثقة الحكومة السودانية بموسكو ودفعها لزيادة التعاون، حيث يعوّل السودان على تعاون هادف وحيوي مع روسيا في جميع القطاعات، كما يرى بأن ذلك سوف يساهم ببناء البلد وتعافيه سريعاً وتأمين استقراره.

وكانت موسكو والخرطوم، قد دشّنت في فبراير الماضي، مرحلة جديدة في العلاقات والتعاون، بإعلان التوصل إلى “تفاهم كامل” في ملف إنشاء قاعدة عسكرية بحرية روسية في مدينة بورتسودان. ويتيح الاتفاق، الذي ينتظر أن تتبلور ملامحه النهائية قريباً، توسيع حرية الحركة للسفن الحربية الروسية في البحر الأحمر، ويمنح موسكو الحق في نشر 300 عسكري و4 سفن في القاعدة. في المقابل تعمل روسيا على دعم الجيش السوداني بالأسلحة والمعدات الحربية اللازمة لتطويره. وكان وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف قد أعلن عن هذا التطور في ختام جولة محادثات أجراها في موسكو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

 

 

 

كيف سيساهم توسيع التعاون بين موسكو والخرطوم بتحقيق استقرار المنطقة؟

 

تعليقاً على هذا الموضوع، أكد الكردفاني بأنه على الصعيد الدولي، وجود القاعدة الروسية في البحر الأحمر في حال تمّ، وبحكم الوزن السياسي لروسيا في العالم إلى جانب واشنطن، وعلاقاتها مع إيران وتركيا وغيرهم، سوف يساعد بالحفاظ على أمن واستقرار الملاحة الدولية والتصدي لمساعي بعض الجماعات مثل جماعة “الحوثي” وحركة الشباب المجاهدين الصومالية، الهادفة لضرب استقرار المنطقة تنفيذاً لأجندات دول أخرى، وما يمكن أن يترتب عليه ذلك من تعطيلٍ محتمل لمرور ناقلات النفط عبر مضيق باب المندب، وما يرتبط بذلك أيضاً من تهديدات أمنية مثل انتشار القرصنة وجرائم الاتجار بالبشر وتهريب السلاح والمقاتلين وتجارة المخدرات. وبحسب الخبير، فإن دور القاعدة الروسية يمكن أن يمتد لمنع استغلال الأراضي السودانية كممر لعبور الأسلحة والمقاتلين والمهاجرين إلى ليبيا، ومنها إلى أوروبا، ومنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر السودان ومصر.

 

أما على الصعيد المحلّي السوداني، فقد أكد الكردفاني بأن استضافة السودان لقاعدة روسية يعزز قدرات الجيش السوداني حال حصوله على دعم فني ولوجستي مقابِل استضافة القواعد. كما أن الاتفاق سوف يساعد على تطوير قاعدة الموارد المعدنية للسودان، وهذا ما أكده وزير الخارجية الروسي، كما أنه سيخفف من التهديدات التي يمكن أن تتعرض لها الناقلات والسفن والشواطئ السودانية. مشيراً إلى قدرة موسكو على الحيلولة دون تصاعُد الخلافات بين المكونات السياسية في السودان، فضلاً عن منع موجات الفوضى في بعض مناطق البلاد، مثل إقليم شرق السودان، وتداعيات ذلك على أمن البحر الأحمر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى