
بقلم – عزمي عبدالرازق – تحت عنوان “صافرة قطار القاهرة تكسر صمت النزوح وتعيد أرواح السودانيين إلى تراب الوطن”
اليوم، تدحرجت عقارب الساعة ببطء نحو لحظة انتظرتها القلوب طويلاً. لم تكن مجرد صافرة قطار، بل كانت إعلانًا صاخبًا لكسر قيود الغربة والنزوح المرير، وصدى لأشواق حبيسة خلف الأبواب الموصدة، وغابات الأسمنت الشاهقة.
“متين ترحل تودينا”، هكذا يتهامس العائدون، وهو ليس اسمًا لقطار فحسب، بل هو لحنٌ خالد، بات اليوم ينبض بالحياة، حاملاً على متنه أكثر من ألف روح عطشى لتراب الوطن، في رحلة طوعية تساندها أيادي “منظومة الصناعات الدفاعية” السودانية، ويقف خلفها رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.
في قلب القاهرة الصاخبة، ومن محطة رمسيس، حيث تتمازج أصوات الحياة بالآمال المعلقة، كان الاهتمام المصري بهذه المبادرة السودانية يوازي حجم الشوق في قلوب العائدين. وقد انطلقت أخيرًا أولى رحلات المرحلة الثانية، قطارٌ يمتد جسده الفولاذي من القاهرة إلى أسوان، ليس بعيداً عن مجرى النيل، ومن هناك، سيكمل طريقه، عبر الصحارى الممتدة، إلى عطبرة والخرطوم والجزيرة.
هذه الرحلة، التي تكفلت “منظومة الصناعات الدفاعية” بكامل تكاليفها – من تذاكر ونقل ووجبات غذائية – ليست مجرد انتقال جغرافي، بل هي استردادٌ للذات، ورصيدٌ من الكرامة. فيما سيستمر هذا التفويج المجاني بقطار أسبوعي، ليُصبح نبضًا منتظمًا، يُعيد الحياة إلى شرايين وطنٍ أنهكته نيران الحرب، والمؤامرات الخارجية، وقد آن أوان التعافي، وعودة الزول الحنين إلى البيت، فهو بكل تأكيد أصل الحكاية ومحور التنمية.