
كتب عثمان ميرغني تحت عنوان العد التنازلي لـ”حكومة الأمل“، قائلا: بدأ العد التنازلي لـ”حكومة الأمل” وبات قرار إقالتها يتشكل في الأفق، إلا إذا انتبه رئيس الوزراء واستدرك الوضع سريعًا.
تكبد رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كامل إدريس، مشاق السفر من بورتسودان إلى الخرطوم، برفقة اكثر من عشرين وزيرًا، إلى جانب المرافقين والمساعدين والسكرتارية. وهناك، عقدوا أول اجتماع لمجلس الوزراء في الخرطوم أمس الأول، بعد غياب دام أكثر من عامين منذ اندلاع حرب 15 أبريل 2023. وثّقت الصور هذه المناسبة التاريخية، وألقى رئيس الوزراء كلمة مرتجلة أوجز فيها تفاصيل الجلسة، محاولًا تعزيز شعور الشعب بالأمل في حكومة تحمل اسم “الأمل”.
ترمز عودة مجلس الوزراء إلى الخرطوم في هذا التوقيت إلى خطوة تهدف لتعزيز الصورة الذهنية عن الأوضاع في السودان، سواء لدى المواطنين أو العالم الخارجي. ولا شك أنها خطوة ضرورية، لكنها لم تحقق الصدى المتوقع.
في اليوم التالي، انتشرت صور لرئيس الوزراء وبعض الوزراء وهم يشاركون في حملة لتنظيف مدينة الخرطوم، بصحبة والي الخرطوم، الأستاذ أحمد حمزة، وبجانبهم لافتة كتب عليها: “مشروع إصحاح البيئة برعاية الفريق أول إبراهيم جابر”. لكن المردود الجماهيري لهذا الحدث كان ضعيفًا للغاية، إذ لم يسمع به الكثيرون حتى الآن، سواء جلسة المجلس أو حملة النظافة. وحتى من تابعوا الحدث، فعلوا ذلك بأعبن ناعسة ودون انفعال يعكس تلقي الرسائل المستهدفة.
على الرغم من التكلفة الباهظة لنقل الوزراء ذهابًا وإيابًا من بورتسودان إلى الخرطوم، وتدبير مقر لإقامتهم، وتنظيم التحركات والاحتياجات اللوجستية، بدت الفكرة مركزة حول التقاط الصور أكثر من تحقيق نتائج ملموسة. فقد أغفلت الحكومة الإعداد الجيد للجلسة، والتركيز على إصدار قرارات جوهرية تستحق عناوين الأخبار المحلية والدولية.
الانطباع العام هو أن المجلس اجتمع من أجل توثيق الاجتماع بالصور، دون جهد حقيقي لصياغة أجندة وقرارات ذات أثر. وزادت حملة النظافة من هذا الانطباع، إذ بدت كمحاولة متواضعة لاستدرار تعاطف الجماهير، شبيهة بما كان يحدث في عهد النظام السابق بعد الأمطار، حين يظهر المسؤولون وهم يخوضون في المياه لالتقاط الصور.
من زاوية أخرى، كشفت جلسة مجلس الوزراء عن مدى افتقار حكومة الأمل إلى رؤية واضحة، حتى بعد مرور أكثر من 100 يوم على تكليف الدكتور كامل إدريس. فالحكومة لم تكتمل بعدُ، ولم تجتمع بشكل جدي لإقرار برنامجها ونشره للشعب الذي ينتظر بصبر.
هذا الإيقاع البطيء لا يبعث على الثقة في قدرة الحكومة على تحمل المسؤولية في هذا الوقت الحرج، حيث لا تتحمل أوضاع البلاد مزيدًا من التأخير.
بكل أسف، بدأ العد التنازلي لحكومة الأمل. وبات قرار إقالتها يتشكل في الأفق، إلا إذا انتبه رئيس الوزراء واستدرك الوضع سريعًا.