
واشنطن- منتدى السودان- حذر الكاتب الأمريكي ليام كار، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إبادة جماعية على وشك الوقوع بهدوء في مدينة الفاشر غربي السودان، وأن الوقت لم يفت بعد لإيقافها من قبل ترامب.
وقال ليام في مقال مقاله نشره في مجلة ريال كلير بوليتيكس الأمريكية المتخصصة، إن دولة الإمارات هي الرافعة الأساسية لاستمرار التقتيل في السودان عامة، وأن دارفور ستصبح موطن الإبادة المقبلة ما لم تتدخل الإدارة الامريكية بقيادة ترامب.
مطالبا الإدارة الأمريكية بزيادة الضغط على مليشيا الدعم السريع والإمارات لوقف الكارثة وإنقاذ ما يقرب من مليون مدني سوداني معرضين للخطر في الفاشر وفي مناطق أخرى.
وقال ليام إن المليشيا تسببت في كارثة إنسانية في الفاشر حيث أدى الحصار إلى نزوح 780 ألف شخص، وحصار ما لا يقل عن 900 ألف مدني في المدينة ومعسكرات النازحين المحيطة ومنعت دخول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، تاركةً المحاصرين في المدينة – ومعظمهم من النساء والأطفال – يعيشون على علف الحيوانات ومخلفات الطعام، ويواجهون المجاعة والموت جوعًا، مما زاد الطين بلة.
ونبه الكاتب الأمريكي فيما يبدو إنها صحوة ضمير بحسب المحقق، إلى أن التجويع الذي تمارسه المليشيا في الفاشر يُعد إحدى جرائم الحرب العديدة، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبتها، فقد اجتاحت الجماعة معسكر زمزم للنازحين على المشارف الجنوبية للفاشر في أبريل، والذي يقول السكان المحليون إنه أسفر عن مقتل أكثر من 1500 شخص، مما يجعله ثاني أكبر مجزرة في الحرب. وقد فصّل تقرير حديث لصحيفة الغارديان بوضوح المذبحة التي استمرت قرابة 72 ساعة والتي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق سكان المعسكر. ومن بين الفظائع عمليات الإعدام بإجراءات موجزة واسعة النطاق للمدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، والترحيل القسري، والاغتصاب – وجميعها جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي.
وأضاف “تمتد وحشية قوات الدعم السريع إلى أعمال تطهير عرقي وربما إبادة جماعية. استهدف مسلحو قوات الدعم السريع المدنيين من أصول غير عربية بشكل منهجي خلال الهجوم على زمزم”، ويضيف أن أكبر فظائع الحرب وقعت عندما استولت قوات الدعم السريع على الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور.
وكانت النتيجة أسوأ بكثير من زمزم. قتلت قوات الدعم السريع ما يصل إلى 15 ألف مدني في حملة تطهير عرقي جماعي “منهجية” ضد المساليت – وهي جماعة عرقية غير عربية – استمرت عدة أشهر، والتي أعلنتها الولايات المتحدة إبادة جماعية.
ويرى الكاتب أنه لا ينبغي أن يفاجئ سلوك قوات الدعم السريع الدنيء أحدًا، نظرًا لأن المجموعة انبثقت من ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة التي ارتكبت إبادة دارفور في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ويحذر كار من “ان الجنينة وزمزم تُمثلان لمحة عن الرعب الذي من المرجح أن يتكشف في الفاشر، لكن نطاقه سيكون أكبر بكثير إذ بالمقارنة مع ما يقرب من 900 ألف مدني محاصرين في منطقة الفاشر، كان عدد سكان الجنينة قبل الحرب حوالي 540 ألف نسمة، واستضافت زمزم ما يقرب من 400 ألف نازح. وقد حذرت الأمم المتحدة ومراقبون دوليون آخرون مرارًا وتكرارًا من أن قوات الدعم السريع قد ترتكب إبادة جماعية إذا سيطرت على الفاشر.”
وشدد كار من أنه “ينبغي على الولايات المتحدة تشجيع الإمارات العربية المتحدة على استخدام نفوذها على قوات الدعم السريع لتجنب الكارثة. تشير أدلة مهمة من الأمم المتحدة وجهات أخرى إلى أن الإمارات العربية المتحدة تدعم قوات الدعم السريع، بما في ذلك في الهجوم الحالي. ومن المرجح أن الإمارات العربية المتحدة ساعدت في تسهيل التعزيزات لحملة قوات الدعم السريع، بما في ذلك من خلال المساعدة في إنشاء مركز دعم في جنوب شرق ليبيا، ووفقًا للقوات المسلحة السودانية، ساعدت في جلب مرتزقة كولومبيين إلى غرب السودان.”
ويقترح الكاتب بأنه إلى جانب إشراك الإمارات العربية المتحدة بشكل مباشر، ينبغي على الولايات المتحدة العمل مع الآخرين في المؤسسات متعددة الأطراف ذات الصلة، مثل الاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة، لإنشاء جبهة موحدة.
“على المسؤولين الأمريكيين مواصلة التعبير عن آرائهم وترجمة هذه الأقوال إلى أفعال، مثل دعم القرارات والعقوبات متعددة الأطراف المحتملة ضد قوات الدعم السريع والإمارات العربية المتحدة وأي داعمين آخرين لها قبل وأثنا الجمعية العامة للأمم المتحدة”
ويقول الكاتب إنه حتى لو تم تجنب الأزمة مؤقتًا، يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي وضع خطة طويلة الأمد لإنقاذ المدنيين في الفاشر، الذين سيظلون في خطر طالما سيطرت قوات الدعم السريع على المنطقة. أحد الخيارات هو إنشاء قوة حماية مدنية تابعة للاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة، كما فعلت المنظمتان معًا خلال الإبادة الجماعية في دارفور في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ونظرًا لعدم وجود إرادة دولية لمثل هذه القوة على الأرجح، فإن الخيار البديل هو الإجلاء الإنساني لهؤلاء المدنيين من الأراضي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع كـ “حل أخير”.
وتتطلب هذه الجهود مشاركة دبلوماسية مستدامة، وهو ما يمكن للرئيس ترامب تأمينه بتعيين مبعوث إلى السودان. لقد قام مستشار ترامب للشؤون الأفريقية، مسعد بولس، بعمل جدير بالثناء في إشراك جميع الفصائل المشاركة في الحرب، لكنه شخص واحد يغطي القارة بأكملها، والسودان بحاجة إلى مزيد من التركيز. وقد أبدى مجلس الشيوخ ومجلس النواب دعمًا من الحزبين لتعيين مبعوث. فالوقت عامل حاسم، وتعيين مبعوث سيساعد في معالجة الأزمات الحالية والمستقبلية وجهود السلام طويلة الأمد.