
تقرير- محمد جمال قندول- زيارةٌ مهمة قام بها مديرا المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية الفريق ركن محمد علي صبير إلى الصومال، الوفد السوداني الزائر اجتمع مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، حيث سلم مفضل رسالة خطية من رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لنظيره الصومالي.
نحاول عبر هذه المساحة قراءة أبعاد ودلالات رحلة مفضل وصبير للعاصمة الصومالية مقديشو.
استقرار المنطقة
الكاتب السياسي والباحث في الإعلام التنموي إبراهيم شقلاوي قال إن زيارة الوفد السوداني الأمني إلى مقديشو، تحمل دلالات استراتيجية مهمة في سياق تعزيز التعاون الأمني الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي.
وأضاف شقلاوي أن السودان، الذي يمر بظروف أمنية معقدة، يدرك جيدًا أن مواجهة التحديات العابرة للحدود، خاصة الإرهاب والجريمة المنظمة، تتطلب تنسيقًا قويًا مع الدول الشقيقة والصديقة، ولا سيما الصومال التي تواجه تهديدات إرهابية مماثلة.
وأكد أن الزيارة تأتي في إطار استراتيجية شاملة للسودان لإعادة بناء علاقاته الأمنية والإقليمية، كما أنها مرتبطة ربما بالتحركات غير المعلنة مثل اللقاء الذي جرى في سويسرا بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان و مسعد بولس مبعوث أمريكا إلى المنطقة، حيث جرى بحث إعادة تفعيل التعاون مع الولايات المتحدة في ملفات مكافحة الإرهاب وأمن البحر الأحمر، ومن المعلوم أن السودان يتمتع بخبرة واسعة في هذا الجانب ويعد من أجهزة المخابرات الوازنة في المنطقة.
ومن ناحية أخرى، أشار شقلاوي إلى البعد الإقليمي الأوسع لهذه الزيارة، حيث تلعب التحركات الإماراتية في منطقة “أرض الصومال” دورًا معقدًا في المشهد الأمني، لا سيما مع الاتهامات الرسمية من الحكومة السودانية التي تشير إلى دعم الإمارات لميليشيا الدعم السريع بشكل غير مباشر. وأضاف أن هذه الزيارة قد تكون جزءًا من مساعي السودان لتعزيز علاقاتها مع السلطات الصومالية الرسمية، بهدف مواجهة هذه التدخلات الخارجية التي قد تُهدد استقرار المنطقة وتُعقد جهود مكافحة الإرهاب.
وختم شقلاوي بأن تعزيز التعاون الاستخباراتي بين السودان والصومال يشكل ركيزة أساسية لتعزيز الأمن في القرن الأفريقي، وأن العلاقة التي تُبنى اليوم تفتح آفاقًا جديدة للسودان لإعادة تموضعه كشريك إقليمي ودولي فاعل، خصوصًا في ظل الرغبة الأمريكية في دعم الأمن البحري والإقليمي، مما يعكس بداية مرحلة جديدة من التعاون الذي يشمل تقوية العلاقات مع الولايات المتحدة من خلال دعم الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب وأمن البحر الأحمر.
شراكة استراتيجية
وأجرى مديرا المخابرات والاستخبارات لقاءات مشتركة مع نظيريهما استعرضا خلالها سبل تعزيز العلاقات والتعاون المشترك.
ويقول الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عمار العركي إن الزيارة جاءت في توقيت مهم يعكس حرص السودان والصومال على تعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي في القرن الإفريقي، خاصة مع تزايد التحديات الإقليمية وتهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة والقرصنة البحرية.
وتابع محدّثي: أن رحلة مفضل وصبير تمثل خطوة استراتيجية لتعزيز القدرات المشتركة في مواجهة التهديدات العابرة للحدود.
وأشار العركي إلى أن الخطوة تؤكد إدراك الطرفين بأن استقرار القرن الإفريقي وأمن البحر الأحمر وخليج عدن يتطلبان شراكة عملية، لا سيما وأن السودان والصومال عضوان في مجلس الدول الثمانية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن. تنسيق الخرطوم ومقديشو في هذا الإطار يعزز حماية الممرات البحرية الحيوية ويقلل من تأثير التدخلات الخارجية على الأمن الإقليمي.
وتابع : عمار العركي أن الزيارة ستثمر عن تبادل الخبرات وتطوير آليات التنسيق بين الأجهزة المختصة يعكس إدراكاً مشتركاً بأن مواجهة التحديات الأمنية لم تعد مسؤولية كل دولة على حدة، بل تحتاج إلى جهود جماعية واستراتيجية لضمان الأمن والاستقرار الإقليمي. الاتفاق على خطة عمل تشمل تبادل الزيارات والتدريب يعكس التزام السودان والصومال بترجمة المباحثات إلى واقع عملي، ما يفتح آفاق شراكة استراتيجية متينة ومستدامة.