
كتب- عثمان ميرغني- رشحت تسريبات أن الدكتور كامل ادريس رئيس الوزراء ينوى تنصيب نفسه وزيرا للخارجية.. ورغم عدم قدرتي التحقق من جدية هذا التوجه لكني أجد أن مجرد التفكير في ذلك يعني أنها “النكسة الأولى” لحكومة الأمل.
هذه الفكرة – حتى ولو وجدت سوابق في تاريخ السودان ودول أخرى – لكن الآن وفي هذا التوقيت لها دلالات في غاية الخطورة.
أولا : تولى د. كامل ادريس لوزارة الخارجية يعني عمليا أن المؤسسة الدبلوماسية بمن فيها على رأس العمل والمتقاعدين من أصحاب الخبرات .. ليس فيهم من تتوفر فيه الكفاءة والمقدرة على تولى المنصب.. وسيكون شاقا على هذه المؤسسة أن تحتمل مثل هذه الوصمة التي تعني عمليا أنها تفتقر للعمق التراكمي والخبرة.
كل السفراء الذين عملوا في عواصم العالم الكبرى و في المنظمات الدولية.. لعشرات السنوات.. هم موصومون بـ(لم ينجح أحد).
ثانيا: الشهر الثاني منذ أداء القسم يوشك أن تنتهي أيامه.. ولا يزال التشكيل الوزاري أقل من نصف المقاعد.. فإذا شغل رئيس الوزراء مقعد الخارجية فهذا يعني عمليا الفشل في استكمال التشكيل.. ويصبح السؤال الحائر كيف لـ”الأمل” أن يشرق من أفق هذا الفشل في تشكيل الوزارة؟
ثالثا: في المؤتمرات التي تخصص لوزراء الخارجية إقليميا و دوليا.. من يمثل السودان؟ هل يشارك رئيس الوزراء بصفته وزيرا للخارجية؟ هذا يعني تدني المستوى البرتوكولي لرئيس الحكومة… ولماذا ؟ ماهو السبب الذي يجعل السودان يدفع ثمن تدني مشاركته؟
رابعا: إذا افترضنا أن رئيس الوزراء لتجنب تخفيض المستوى البرتوكولي فوّض وكيل الوزارة ليرأس وفود السودان في المؤتمرات الدولية والاقليمية.. ألا يعني ذلك تخفيض مستوى الوفد السوداني من وزير إلى وكيل مع كل ما لذلك من تبعات ظاهرة وباطنة؟
خامسا: هل يجد رئيس الوزراء من الوقت والفراغ ما يجعله يشغل وظيفتين في ظرف تعاني فيه البلاد من وطأة حرب قاسية أدت لتدهور الخدمة المدنية وغياب الخدمات الحتمية وأوضاع إنسانية بالغة السوء.. أليس الأجدر أن يركز رئيس الوزراء في تفاصيل إدارة الحكومة.. بدلا من تشتيت تركيزه و جهوده بين منصبين .. مجرد حضور ورئاسة الاجتماعات فيهما عمل شاق ومربك.
في تقديري من نصح الدكتور كامل ادريس بهذا الأمر يعلق حبل مشنقة في رقبة “الأمل” الذي ينتظره الشعب السوداني من هذه الحكومة التي طالبنا بها بإلحاح و أتت بعد مخاض ومن بين فكي الأسد.
من الحكمة أن يعجل رئيس الوزراء بتشكيل حكومته لأن المحك في البرنامج الذي تلتزم به ثم العمل الذي تباشره والنتائج التي يلمسها الشعب من كل ذلك.. وقد ضاع وقت طويل و المواطن السوداني ينظر وينتظر أن تحل مشاكله وأزماته
الوقت يكاد ينفد.. وستكون كارثة قومية كبرى ان يموت “الأمل”.. لان ذلك يعني عمليا أن فرص تشكيل حكم مدني تتلاشى .