الاقتصادالرئيسية

كيف تحوّلت إدارة الاستثمار بولاية الجزيرة إلى وكر للسماسرة والمزورين في زمن الحرب؟

تحقيق- حسن محمد عبد الرحمن- بينما كانت البلاد تخوض “حرب الكرامة” ضد مليشيا الدعم السريع، ويتطلع السودانيون إلى ميلاد وطن جديد يُبنى على قيم النزاهة والعدالة، تفجرت فضيحة فساد مدوّية من قلب مؤسسات الدولة، وتحديداً في إدارة الاستثمار بولاية الجزيرة، التي تحوّلت ـ وفق وثائق وشهادات موثوقة ـ إلى مرتع للفساد المنظّم والتلاعب بالأراضي الاستثمارية، في واحدة من أخطر قضايا العبث بأصول الدولة خلال زمن الحرب.

 

 

السماسرة داخل الإدارة.. المال يسبق القانون

تشير المعطيات إلى أن إدارة الاستثمار في الجزيرة لم تعد مؤسسة حكومية بقدر ما أصبحت مرتعاً لسماسرة ووسطاء يصولون ويجولون داخل أروقتها، في تنسيق مشبوه مع موظفين حكوميين يسهلون لهم الإجراءات، مقابل تعقيدها للمستثمرين الحقيقيين، لإجبارهم على شراء الأراضي من هؤلاء السماسرة.

 

 

 

فضيحة “تحت التربيزة”: تلاعب وتزوير ومحاباة

كشفت تحقيقات رسمية عن تزوير طال نحو 30 قطعة استثمارية في أراضي المناقل، تم تسجيلها عبر مستندات مزورة. وأحيل البلاغ رقم (534) إلى المحكمة، غير أن الحرب عطلت الفصل فيه. وتورّط مدير إدارة الاستثمار ذاته في تسجيل قطعة استثمارية (رقم 130) رغم وجودها ضمن النزاع

 

 

 

مصدر بأن مدير الاستثمار قام بتسجل قطعه(١٣٠) الي احد المواطنين علمآ بان تلك القطعة ضمن القطع الموجودة أمام المحكمة مسجلة باسم شخص آخر وقال المصدر بأن مواطن الثاني الذي يحمل شهادة بحث تقدم بشكوى لنيابة المناقل باعتبار انه يحمل شهادة بحث صادرة من مكتب تسجلات المناقل  وان المحكمة لم تفصل في البلاغ حتي الان وان النيابة أصدرت أمر تكليف بحضور  مدير إدارة الاستثمار

 

 

 

وأكد المصدر بأن مدير الإدارة العامة للاستثمار اتصل على بعض الذين يحملون شهادة بحث بمعالجه قبل قرار المحكمة واضاف مصدر قانوني بأنه لا يجوز الي أي شخص التصرف في اي امر محل نزاع امام المحكمة الا بعد الفصل فيه وان ذلك يضع مدير إدارة الاستثمار نحت

 

 

 

. وبحسب مصادر قانونية، فإن هذا الإجراء يمثل خرقاً فادحاً للقانون ويستوجب المساءلة.

 

 

القطعة (202) وفساد الوالي المقال

التحقيق أزاح الستار عن تجاوز خطير مرتبط بالوالي المقال إسماعيل العاقب، حيث تم تسجيل قطعة استثمارية مثار جدل (رقم 202) باسم شخص تربطه صلة قرابة بالوالي، رغم اعتراض الصحافة سابقاً على بيعها في السوق. المفارقة أن الملف لم يُعاد إلى إدارة الاستثمار، بل تم التصرف فيه عبر لجنة التخطيط العمراني، وهو ما يخالف قانون الاستثمار ويعزز شبهة التواطؤ.

 

 

 

سقوط مدني.. غنيمة للفاسدين

لم يسلم حتى سقوط مدينة مدني من أنياب الفساد، إذ استغلت “مافيا الاستثمار” الفوضى الناجمة عن الحرب، واقتحمت مكاتب الإدارة وسرقت مستندات رسمية تشمل تراخيص، عقودات، وشهادات تسجيل، وقامت باستخدامها لتزوير وتسجيل قطع استثمارية جديدة، من بينها القطع (151، 152، 99، 40، 100) بمربع (2) بالمناقل. وتُظهر التحقيقات أن بعض التواقيع الرسمية على تلك المستندات كانت مزورة، مما يؤكد وقوع جريمة مكتملة الأركان ضد الدولة في ظل الحرب.

 

 

 

نار الفساد.. مرتان

إدارة الاستثمار نفسها تعرّضت للحريق مرتين، وسط شكوك بأن تلك الحرائق كانت تستهدف طمس الأدلة وإخفاء آثار الجرائم المرتكبة، خاصة بعد أن أصبحت المستندات المحترقة ذات صلة بالقضايا الجارية في النيابة والمحاكم.

 

 

 

مليون جنيه في مهب الريح

تشير التقديرات الأولية إلى أن الدولة خسرت ما يزيد على مليون جنيه سوداني نتيجة بيع قطع الأراضي المزورة والمتحصل عليها من مستندات مسروقة، مما يجعل الأمر أكثر من مجرد تجاوز إداري، بل جريمة اقتصادية من العيار الثقيل.

 

 

 

تفكيك الشبكة وإعادة السيطرة

يطالب مختصون والجهات القانونية بضرورة تدخل عاجل من والي ولاية الجزيرة لإعادة تبعية إدارة الاستثمار إلى وزارة المالية، ونقل الموظفين المشكوك في تورطهم، ومنع تحويل الملكية في الأراضي الاستثمارية مؤقتاً، حتى يتم القضاء على ظاهرة السمسرة والمحسوبية.

 

 

 

كما شدد قانونيون على أهمية تدخل الأمن الاقتصادي بعد استعادة صلاحياته، لمتابعة هذه الجرائم التي تهدد المال العام، وإعادة ضبط قواعد الاستثمار على أساس الشفافية والمنافسة العادلة.

 

 

 

: قضية إدارة الاستثمار بولاية الجزيرة ليست مجرد فساد عابر، بل تمثل نموذجاً خطيراً لنهب المال العام تحت دخان الحرب. ولئن كانت الحرب قد وضعت البلاد على حافة الانهيار، فإن ترك مثل هذه الشبكات تنهش ما تبقى من مؤسسات الدولة هو الخطر الحقيقي على مستقبل السودان.

المصدر : صحيفة التيار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى