الرئيسيةمقالات

أم صميمة.. الحرب ضد الطابور الخامس

كتب محمد أمين عضو حركة تحرير السودان قيادة مناوي قائلا: بعد ملحمة “أم صميمة”.. وحدة البندقية لكتابة تاريخ السودان الجديد العريض… لا مكان لـ”الطابور الخامس”

في اللحظات التي تُصنع فيها الأمم وتُكتب فيها فصول التاريخ بالدم والنار، لا صوت يعلو فوق صوت البندقية الموجهة لصدر العدو، ولا راية ترفرف فوق راية الوطن الواحد الموحد. إن ملحمة “أم صميمة” لم تكن مجرد انتصار عسكري باهر على فلول مليشيا الدعم السريع المتمردة، بل كانت درساً بليغاً ورسالة دامغة لكل من يهمه الأمر في الداخل والخارج: إن إرادة السودانيين، عندما تتوحد، هي صخرة تتحطم عليها كل المؤامرات. فلقد شاهد العالم بأسره كيف “الكروزر يلاقي الكروزر” في مواجهة مباشرة لا تعرف التردد، وكيف لقّنت القوة المشتركة، بتلاحمها الأسطوري مع قوات الشعب المسلحة، المليشيا دروساً لن تُنسى في فنون القتال، في مشهد يعكس شجاعة وبسالة وعقيدة قتالية راسخة، كما أشاد الفريق صديق بنقو، الذي أكد أن هذا النصر هو بداية تحول ميداني لصالح مشروع الدولة الوطنية.

 

 

 

 

لكن، وبينما تتعالى زغاريد النصر في ميادين الشرف، وتُروى الأرض بدماء الشهداء الأطهار الذين سقطوا في “أم صميمة”، هناك من يعمل في الخفاء كسرطان فاسد، يحاول أن ينهش في جسد الجبهة القومية الموحدة ضد التمرد. إنه الطابور الخامس العنصري، الوجه الآخر لعملة الخيانة، والذي لم يتعلم الدرس بعد.
فبعد أن فشل في كسر شوكة المقاتلين في الميدان، لجأ إلى سلاحه الأخير والأكثر خبثاً: بث سموم الفرقة والفتنة داخل القوة المشتركة. هيهات لهم أن ينالوا من عزيمتنا، فنحن متوحدون تجاه قضيتنا الوطنية العليا، وندرك أن أي محاولة لشق الصف هي خدمة مجانية ومباشرة لمليشيا التمرد الإجرامية.

 

 

 

 

إن أخطر ما يروجه هذا التيار المأزوم اليوم هو محاولة خلق بطولات وهمية وتلميع قوات أو قائد بعينها على حساب الكل الوطني. لقد استمعنا إلى حديثهم الأجوف عن أن تحرير مناطق الوسط والعاصمة كان بفضل جهاز الأمن أو كتائب البراء او الدرع وحدهم. هذا الحديث هو “علف في علف”، ومجرد هراء لا يصدقه عقل عسكري أو وطني. فالحقيقة التي سطعتها شمس “أم صميمة”، وبذكاء قيادة القوة المشتركة، أصبحت واضحة للجميع: لن تستطيع قوات درع السودان، أو جهاز الأمن، أو كتائب البراء، أو أي فصيل بمفرده، مواجهة مليشيا الدعم السريع وتحقيق نصر حاسم دون الاندماج الكامل في جسم أي متحرك مع عناصر الجيش والقوة المشتركة. إن القوة تكمن في التكامل لا في الانفصال، وأي حديث متعجرف من قيادات تلك القوات أمام قيادات المشتركة، سيتم تحييده بالضرورة بمنطق الميدان الذي لا يرحم وبواقع الانتصارات التي لا تُنسب إلا للجهد الموحد.

 

 

 

 

إن السودان اليوم يقف في لحظة مفصلية، إما أن نمضي قدماً لبناء دولة المواطنة والعدالة، أو أن ننزلق إلى هاوية التشتت والتفرقة التي يحرث فيها الطابور الخامس. إننا لا نحتاج إلى المزيد من بذور الفتنة، بل إلى عملية مصالحة وطنية شاملة وحقيقية، تعترف بالأخطاء وتجبر الضرر، وتؤسس لعقد اجتماعي جديد. إن الواجب الذي يجب أن يعلو فوق كل اعتبار في هذه اللحظات التاريخية هو إعادة هيكلة الدولة السودانية على أسس سليمة تضمن المشاركة والعدالة للجميع. هذا هو المشروع الوطني الذي يجب أن تتوحد خلفه كل البنادق الشريفة.

 

 

 

 

إن كتابة التاريخ السوداني الجديد قد بدأت بالفعل، وأبطالها هم الشباب الذين تتوحد رؤيتهم من أجل بناء مستقبل خالٍ من الأزمات المزمنة والعصبيات النتنة. الدماء الطاهرة التي سالت في كل ربوع الوطن، من الخرطوم إلى دارفور، ومن الجزيرة إلى “أم صميمة”، هي وقود هذه المسيرة ورسالة للأجيال القادمة بأن وحدة الصف هي أغلى ما نملك. إن انتصار القوة المشتركة هو رسالة للجميع بأننا عازمون أكثر من أي وقت مضى على دحر التمرد وتطهير أرضنا من رجسه، وفي ذات الوقت، دحر كل فكر عنصري إقصائي يسعى لاختطاف هذا النصر. فلتسقط كل المشاريع الصغيرة أمام مشروع السودان الكبير، ولتصمت أبواق الفتنة إلى الأبد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى