الرئيسيةمقالات

ضياء الدين بلال- خبراء أجانب

كتب ضياء الدين بلال تحت عنوان “خبراء أجانب” قائلا: يقول أينشتاين: «الجنون هو أن تفعل الشيء نفسه مراراً وتكراراً وتتوقع نتائج مختلفة». المعنى: لا يمكننا حل المشكلات المستعصية إذا ظللنا نفكر بنفس العقلية التي أوجدتها.

 

وله رأي آخر لافت في التعامل مع التحديات إذ يقول: «إذا كان لدي ساعة لحل مشكلة سأقضي 55 دقيقة في التفكير في المشكلة وخمس دقائق فقط في التفكير في الحل».
أما مقولته الأجمل: «لا يستطيع تحقيق المستحيل إلا أولئك الذين يؤمنون بما يراه الآخرون غير معقول».
لم تنهض كثير من الدول إلا حين استعانت بكوادر من خارج منظومتها الوطنية، ودول الخليج أقرب مثال على ذلك. فقد ساهمت الكفاءات السودانية المؤهلة في نهضتها، بينما تراجع السودان، بكل إمكانياته البشرية والمادية إلى الوراء .

 

نحن اليوم في أمسّ الحاجة إلى خبرات أجنبية تخطّط وتتابع التنفيذ وتقدّم الاستشارات، حتى نحسن استغلال مواردنا المهدرة بالفساد وسوء الأداء .
والسؤال: ما الذي يجعلنا نستقدم خبراء أجانب لتدريب كرة القدم، ولا نفعل الشيء نفسه في الاقتصاد وهو الأهم؟!

 

خلال العقود الأخيرة، عزفت معظم الكفاءات الوطنية عن الانخراط في مشاريع النهوض الاقتصادي والاجتماعي، لأسباب ترتبط بالحساسيات السياسية، وربما بسبب تلوث الفضاء العام بما يمكن أن نسميه “ثاني أكسيد الكراهية”.

 

وفي المقابل، ظلت المناصب المؤثرة خاضعة للمحاصصات الجهوية والمساومات السياسية والصداقات الشخصية. فأصبح السلاح والانتماء القبلي والجهوي يفتحان أبواب السلطة أكثر مما تفعل الشهادات المرموقة أو الخبرات المتراكمة.

 

ولذلك لم يكن غريباً أن يتبوأ كثير من الوزراء مواقعهم وهم إمّا عاطلون عن العمل سابقاً، أو سماسرة في أسواق السياسة، يمرون على الكراسي الوزارية مروراً عابراً دون أن يتركوا أثراً أو إنجازاً يذكر، معتبرين المنصب فرصة ذهبية لترتيب أوضاعهم لما بعد الخروج.

لماذا لا نجرب ـ ولو في قطاع واحد أو قطاعين لا أكثر ـ الاستعانة بخبرات فردية أو مؤسسية من خارج حدودنا؟

ألم تستعن بريطانيا، وهي الدولة العريقة بخبرة الكندي مارك كارني لإدارة بنكها المركزي، ليصبح أول أجنبي يتولى هذا المنصب منذ أكثر من ثلاثة قرون؟

ودعك من بريطانيا المتقدمة، ففي الكونغو وأوغندا أوكلت إدارة مرافق اقتصادية مهمة لخبراء هنود وبلجيكيين، وفي كينيا أصبح الهنود وزراء.

إذا أردنا نهضة حقيقية، فعلينا أن نتحرر من أسر الذهنية المغلقة التي تحصر الكفاءات في قوالب الجهوية والولاء السياسي.
نعم التجارب من حولنا تثبت أن الاستعانة بالخبرة الأجنبية ليست انتقاصاً من قيمة الوطن بل استثماراً في مستقبله وجسراً ضرورياً للعبور من الفوضى إلى التنمية ومن التراجع إلى النهضة..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى