الرئيسيةقضايا ومجتمع

الأمير عبد الرحمن الصادق المهدي في حوار ساخن: هذا هو مصير قيادات حزب الأمة في تحالف تأسيس

حوار- مجدي العجب- أجرت صحيفة ألوان حوارا مع الأمير عبد الرحمن الصادق المهدي، حول قضايا الحزب والسودان، تلمت من خلاله العديد من القضايا، لكون أن عبد الرحمن يمثل الصندوق الأسود للإمام الصادق المهدي بتاريخه المديد وفكره الواسع المتسع وتجربته في كل ضروب الحياة فأنت الأوفر حظا والأقرب للخلافة، لأنك قد حملت وتحملت المصاعب والمتاعب التي واجهها في حله وترحاله عبر تجارب المعارضة والحكم. ولعبد الرحمن النجل الأكبر الحظ الوفير ووارث الحكمة والحلم والوطنية فهو الأقرب والمعايش لكل التجارب فكان عيني الإمام ويداه اللتان يدفع ويدافع بهما وخزانة فكره ومجاهداته على مر التاريخ.

 

ولذلك ما استعصت حاجة على شيوخ وكهول وشباب كيان الأنصار وحزب الأمة وإلا كان المرجع عبد الرحمن فمن له سهم كسهمه وهو المرافق من 1989م وحتى الرحيل، فقد سبق الكل في حماية الإمام وحمل الفكرة فنال الحظوة، لذلك يخاطبه الأنصار ب(بخا بخا يابن الإمام) فقد كنت أوفر الناس حظا بقربك من مصدر الحكمة والحلم والوطنية. (ألوان) جلست إلى الأمير عبد الرحمن المهدي وحاورته فكان حوارا للتاريخ والمستقبل.

 

برأيك ما أثر وفاة الإمام الصادق على المشهد السياسي عامة؟

لا شك أن غياب الإمام عليه الرحمة والرضوان أربك الساحة السياسية كلها فقد كان طرفا مهما في تأمين الفترة الإنتقالية ومخاطبة جميع الأطراف، وانزعج جدا حينما تلمس خلافا بين الجيش والدعم السريع إذ كان يتحاشى أي صدام بينهما ويعتبره مدمرا للبلد، فكون آلية حزبية سرية كانت تعمل على الاتصال بالمكون العسكرى بدأت أعمالها في أبريل ٢٠١٩م بموجب قسم ضم الإمام والبرهان وحميدتي. هذا في وقت كانت بعض القوى السياسية تعمل على زيادة الفرقة. وهذا قصر نظر كبير لا شك، فالدولة عانت من الهشاشة بسبب تطاول الحروب والنزاعات والخلافات السياسية والمظالم الجهوية والحكمة كانت تقضي نهج الإمام بالمباصرة لا المعاصرة. لكن شاء الله وما شاء فعل.

 

وما هو سبب الغليان المستمر في حزب الأمة القومي بعد غياب

في حزب الأمة كذلك كان الإمام يشكل مرجعية للكل ويحرص على الوفاق الداخلي والوصول إلى كلمة سواء بين التيارات المختلفة، وكان يفعّل مؤسسات الحزب فتجدها في انعقاد دائم، وبعد انتقاله اتفقت مؤسسة الرئاسة على تكليف اللواء (م) فضل الله برمة بالرئاسة على أن يتخذ قراراته عبر مؤسسة الرئاسة وبالتعاون من المؤسسات الأخرى، وهو قرار مر بالتوافق في مجلس التنسيق وفي المكتب السياسي. للأسف اختلف نهج اللواء (م) عن الإمام ودرج على أن يعقد هو وبعض قادة المؤسسات قرارات منفردة في أمور جوهرية، مثلا بعد حركة أكتوبر 2021م التي واجه فيها المكون العسكري شركاءهم في الحرية والتغيير اشترك هو والأمين العام في اجتماعات كان ينظمها عبد الرحيم دقلو وذهبا لحضور التوقيع على اتفاق برهان حمدوك في القصر..

 

مقاطعا.. ولكنهما لم يحضرا التوقيع؟

نعم خرجا في اللحظات الأخيرة، والحقيقة إنني كنت أرى أن موقفهما صحيح سياسيا وكان سيجنب البلاد شر التمزق الذي حصل، لكنها كانت إحدى المواقف التي كشفت انفراد اللواء والأمين العام بالقرار دون مشاورة المؤسسات، وهذا النهج زاد بعد الحرب.

 

كيف ذلك؟

نعم بعد الحرب زاد لأن انعقاد اجتماعات المكتب السياسي تعذر تماما، أما مجلس التنسيق والرئاسة فقد تم تجميدهما لدرجة ذهاب الرئيس لحضور التوقيع على إعلان أديس ابابا بين تقدم والدعم السريع في يناير 2024م بدون أي إخطار ناهيك عن تداول داخل المؤسسة..

 

هل ذهب سرا ودون علم مؤسسات الحزب؟

نعم لقد جأر زملاؤه في مؤسسة الرئاسة ومجلس التنسيق بالشكوى. ذهب فقط بإشارة من الأمين العام ورئيس المكتب السياسي، مما أدى إلى انفجار زملائه في الرئاسة، ولكي يحتوي الانفجار نظم الحزب اجتماعات في القاهرة في مارس 2024م ووقع فيها الرئيس على ميثاق عهد مع مؤسسة الرئاسة ألا يعود لمثلها وأن يلتزم بنص قرار تفويضه، ولكن من جديد شارك في مؤتمر نيروبي في فبراير 2025م بدون أي رجوع للمؤسسات، وهذا أدى للمشهد الممزق الذي تراه الآن، مؤسسة الرئاسة اجتمعت وسحبت عنه التكليف واستمرت في تكليف الأستاذ محمد عبد الله الدومة.

 

هل كان الدومة مكلف أصلا؟

نعم كان مكلف كرئيس بالإنابة وتم ذلك بموافقة اللواء فضل الله منذ مايو 2024م، وبعد مشاركة اللواء في تأسيس قررت مؤسسة الرئاسة الاستمرار في تكليفه بعد سحب التكليف من اللواء، على أن تسعى للتوافق مع بقية الأجهزة، وقام اللواء باتخاذ قرارات اعفى فيها مؤسسة الرئاسة وعين آخرين، وتدخلت هيئة الرقابة وضبط الأداء فأبطلت كل القرارات.

وبالتالي بعد الإمام دخل الحزب والوطن في دوامة وصراعات لا أول لها ولا آخر، وصار كل طرف يهتم بلفظ الطرف الآخر والعمل على إقصائه والإنقاص من شرعيته.

 

وما هو الحل برأيك؟

في رأيي أن الحل يكمن في الرجوع لحكمة الحقاني ولإرث المحبة الذي يكتنف هذا الكيان والذي يجعل بالإمكان معالجة الخلافات بصورة تدعو الجميع إلى كلمة سواء.. حكمة الحقاني تقتضي العلو على الحزازات والخلافات الصغيرة من أجل تحقيق وحدة الحزب وبالتالي وحدة الوطن.

 

من يدير الحزب الآن هل هو برمة؟

في رأيي أي حزب لكي يدار يتطلب هيكل تنظيمي وخطاب سياسي مربوط بأهداف ومبادئ، وقيادة لها شرعية محترمة على كل المستويات. ونظرا لغياب قيادات الحزب العليا عن الساحة منذ ما بعد الحرب افتقدت جماهيره التواصل وصار كثير من القادة يتلقون معلومات عن البلد عبر الإعلام وفي الحرب تطغى البروباغاندا على الحقيقة ولذلك كررت لقيادات الحزب نصحي بالعودة إلى البلد وتلمس أوضاع الشعب وحقائق ما يدور بعيدا عن الإعلام ولكن بلا جدوى.

بالنسبة للواء برمة فلا يزال منسوبو تأسيس وتقدم داخل الحزب يعتبرونه رئيسا لهم، بينما شرعيته أصلا لم تستمد من الدستور الذي سكت عن حالة وفاة الرئيس المنتخب فشرعيته هي شرعية التوافق التي انتفت بعد مشاركته في تأسيس، كما أنه حتى بدون قرار مؤسسة الرئاسة بسحب تكليفه فإن التناقض مع مبادئ الحزب يسحب شرعيته. وقد اتفق في تأسيس على تقرير المصير فاتحا البلاد لتمزيق البلاد، وعلى العلمانية وهي تناقض الرؤية الفكرية للحزب ودعوته للدولة المدنية، لذلك فهو يدير مجموعة محدودة عملها محصور في تحالفات لا يشكل الحزب سياستها، بل تعطي الأحزاب كلها اليد الدنيا بنسبة 30% من هياكلها.

إن خطوة حكومة تأسيس وجدت استنكارا دوليا واقليميا واسعا فشجبتها الامم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والعديد من الدول الشقيقة والصديقة باعتبارها تؤدي لتقسيم البلاد وتزيد من تمدد الحرب، أما الشعب السوداني على الأرض فقد عارضها في غالبه. إن كل من شرعن لموقف تأسيس وارتضى القيادة التي شاركت فيه حكم على نفسه بالإعدام السياسي داخل حزب الأمة وخارجه، فسوف تجري محاكمة شعبية قاسية إذا لم يتم تدارك الأمر.

 

إذن هل يدير الحزب الواثق البرير؟

الأمين العام الحالي جاء منتخبا في آخر اجتماع هيئة مركزية عام 2019م وما يروج له البعض انه جاء بأغلبية غير مسبوقة غير صحيح تاريخيا فالأمناء الذين جاءوا بأغلبية كاسحة كانوا الأمير عبد الله عبد الرحمن نقد الله في الستينات والدكتور عمر نور الدائم الذي نال اعلى أصوات الأمانة الخماسية في الثمانينات، والأستاذة سارة نقد الله والدكتور إبراهيم الأمين الذين انتخبا بالإجماع داخل الهيئة المركزية. وقد نال الأمين العام الحالي 280 صوتا مثلت 60% من المصوتين الذين بلغوا 58% من عضوية الهيئة المركزية، وهي ذات الهيئة التي انتخبت قبله الفريق صديق محمد إسماعيل ب425 صوتا شكلت 54% من مصوتين بلغوا 98% من عضوية الهيئة، ولكن بعيدا عن تلك الأرقام لا يشكك أحد حول صحة انتخابه، ورجوعا لسؤالك حول هل يدير الواثق الحزب أقول: الأمين العام اختصاصياته حسب الدستور تنفيذية لا تتمدد للقرار السياسي وينبغي أن ينفذ قرارات الرئاسة وما يشرعه المكتب السياسي، وتقع ضمن صلاحياته كذلك الإشراف على تنظيمات الحزب بالولايات وبالمهجر.. وقد تلقى الأمين العام الحالي أكبر تمويل يتلقاه أمين عام للحزب منذ الإطاحة بالديمقراطية، ولكن الناتج الحزبي لم يشهد تطورا في الملفات التي تعتبر مشاكل الحزب كالتنظيم والإعلام بل كان إعلام الحزب يعتمد بشكل رئيسي على تحركات الرئيس المنتخب رحمه الله وصلته الوثيقة بالإعلام والإعلاميين، وتعثرت صحيفة “صوت الأمة” التي كان يرأس مجلس إدارتها برغم ما صرف عليها.. ولا شك أنه يلعب حاليا دورا سياسيا لا يشمله نطاقه الدستوري، لكن أداء الأمانة فيما يخص الاشراف على أوضاع وتنظيمات الحزب في الملاجئ والمعسكرات وكذلك على دور الحزب وتنظيماته المركزية والولائية متواضع. فقد استعدت الأمانة افرع الحزب بالولايات التي تقع تحت دائرة اختصاصها حتى قبل الحرب لدرجة وصلت فتح بلاغ في الشرطة ضد أحد قادة الحزب بالقضارف، وهذا طبعا غير مسبوق في العلاقات داخل حزبنا وكياننا وهي قائمة على المحبة والاحترام وتحكيم الأحباب والمؤسسة لا بلاغات الشرطة، حدث هذا قبل الحرب، أما بعد الحرب فقد قامت الأمانة بتجاوز مؤسسات الحزب بالولايات في تصعيد العضوية لمؤتمر تقدم التأسيسي وهذا سبب القطيعة بين التنظيمات الولائية والحزب بالمركز، والمواجهة العدائية بين الأمين العام والغالبية الساحقة لرؤساء الحزب بالولايات.

الأمين العام موجود في الفضاء الإسفيري وفي تحالف صمود والأحزاب مهمشة فيه، وهذا كان مضمون مطالبات الحزب الإصلاحية التي قدمها لتقدم.. لكن قطعا هناك غياب شبه كامل للأمانة العامة على الأرض. وطبعا ليس من الضروري أن يحضر الأمين العام بشخصه فهناك العديدين من عضوية الحزب بالداخل كان يمكن تنظيم مجهوداتهم الحزبية والوطنية عبر مفاتيح تسميهم الأمانة، ولكن لا نلمس صلة واضحة لهم بالمؤسسات ولا بالأمانة العامة.

 

هل يدير الحزب في هذه الحالة الدومة؟

الأستاذ محمد عبد الله الدومة يواجه موقفا متضاربا لأن المؤسسات المركزية تعاني الانقسام والتعطيل ولا تعترف به إلا مؤسسة الرئاسة، بينما المؤسسات الولائية تتبعه بحماس وقد فعل خيرا بعودته للسودان والالتقاء بالحزب بالداخل.

حزب الامة الموجود على الأرض يمثله رؤساء الحزب بالولايات وغالبيتهم الساحقة على تواصل مع قواعدهم ومع الشعب، وهؤلاء ايدوا قرار مؤسسة الرئاسة بسحب التكليف عن اللواء م فضل الله برمة بعد مشاركته في مؤتمر نيروبي وتوقيعه على الميثاق التأسيسي لحكومة المليشيا المزمعة بدعم كيني وتدبير إماراتي ويسندون الدومة. ولكن ليس هناك عمل حزبي ملموس بالداخل بعد.

نقلا عن صحيفة ألوان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى