الرئيسيةمقالات

ورقة تقدير موقف- التصعيد المحتمل بين إثيوبيا وإريتريا

كتب عبد الجليل سليمان- ورقة تقدير موقف- التصعيد المحتمل بين إثيوبيا وإريتريا
قراءة في ضوء المستجدات الراهنة
أولاً: خلفية الموقف
أثارت تغريدة للمعارض الإثيوبي جوهر محمد جدلاً واسعاً بعدما كشف عن اجتماعات نظمتها كادرات حزب الازدهار (PP) في إقليمي أوروميا والصومالي الإثيوبيين، استعرضوا خلالها صراحة ما سموها “الاستعدادات لحرب مقبلة تنوي إثيوبيا شنها على اريتريا من أجل الحيازة على ميناء عصب”، وربط توقيت اندلاعها بافتتاح سد النهضة بشكل رسمي.

هذه التسريبات تزامنت مع تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد التي وصف فيها استقلال إريتريا عن إثيوبيا بأنه “خطأ تاريخي”، وهو ما يعكس تحولاً في الخطاب السياسي الرسمي قد يتجاوز مجرد المناكفات إلى ملامح مشروع توسعي ربما سيفضي إلى صدام عسكري وشيك بين أديس أبابا وأسمرا.
ثانياً: تقدير الموقف:

1. النوايا الإثيوبية
• تُظهر تصريحات آبي أحمد، إلى جانب الاجتماعات المحلية، وجود توجه داخل مراكز صنع القرار في أديس أبابا لإعادة طرح ملف الموانئ الإريترية كأولوية استراتيجية للأمن القومي الإثيوبي.
• خطاب “تصحيح الخطأ التاريخي” قد يُوظَّف لحشد التأييد الداخلي، خصوصاً وسط تراجع شعبية الحكومة بعد حرب تيغراي والأزمات الاقتصادية.

2. الموقف الإريتري
• ترى أسمرا في مثل هذه التصريحات تهديداً مباشراً لسيادتها ووحدتها الوطنية.
• إريتريا قد تسعى إلى استباق أي تحركات إثيوبية عبر تعزيز تحالفاتها الإقليمية بجانب إعادة تموضعها عسكرياً على حدودها.

3. المخاطر الإقليمية
• اندلاع حرب إثيوبية–إريترية سيعيد المنطقة إلى مشهد (1998- 2000) مع فارق أن الصراع الحالي سيكون في ظل بيئة إقليمية أكثر هشاشة.
• من شأن الحرب مفاقمة الأوضاع في السودان والصومال وجيبوتي، عبر فتح جبهات جديدة للنزاعات أو نزوح جماعي للاجئين.

4. أمن البحر الأحمر
• أي تحرك عسكري تجاه ميناء عصب سيهدد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ويثير مخاوف القوى الدولية التي تعتمد على الممر.
• دول الخليج، ولا سيما السعودية والإمارات، ستعتبر الصراع تهديداً مباشراً لاستثماراتها ومصالحها الأمنية في الساحل الغربي للبحر الأحمر.

ثالثاً: السيناريوهات المحتملة:
أولاً: الحرب المباشرة
اندلاع مواجهة عسكرية قد تبدأ محدودة على الحدود ثم تتسع لتشمل الموانئ، وهو ما سيفتح الباب لتدخلات خارجية عاجلة.
ثانياً: الضغط الدبلوماسي
قد توظف إثيوبيا خطابها التصعيدي للضغط على إريتريا لتقديم تنازلات اقتصادية (تسهيلات في الموانئ) دون الوصول إلى حرب شاملة.

ثالثاً: التوازن الرادع
تدخل إقليمي ودولي (الخليج، إيغاد، الاتحاد الإفريقي) لاحتواء الموقف ومنع انجراف البلدين إلى صراع مفتوح.

رابعاً: التوصيات
* ضرورة تحرك إقليمي عاجل، بقيادة الاتحاد الإفريقي، لاحتواء التصريحات التصعيدية.
** تشجيع وساطات لدول مجاورة أو إقليمية، باعتبارها الأكثر تضرراً حال حدوث أي زعزعة لأمن البحر الأحمر.

*** دعوة الأمم المتحدة لفتح قنوات تواصل مباشرة بين أديس أبابا وأسمرا لتفادي انزلاق الموقف إلى مواجهة عسكرية.
التصريحات الأخيرة والأنباء المتداولة تعكس تحولاً خطيراً في الموقف الإثيوبي تجاه إريتريا. ورغم أن اندلاع حرب شاملة ليس حتمياً بعد، إلا أن الإشارات الميدانية والخطاب الرسمي يضعان المنطقة أمام احتمالية عالية لعودة التوتر، بما يهدد أمن القرن الإفريقي والبحر الأحمر معاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى