مقالات

الصحفي محمد خير يرد على “شوكة حوت”: فمن يحتاج المراجعة

كتب الصحفي ياسر محمد محمود البشر، مقالا في عموده “شوكة حوت” تحت عنوتن “ثقافة الموت والحقد والبغض”؛ قال فيه:

لا يوجد شعب فى العالم المعاصر يعبئ ذاكرة أجياله بثقافة الموت والحقد والكراهية والبغض مثل الشعب السودانى حيث يتم وصف الإنسان فيه بالأسد النتر ونمر الخلاء وأبو درق وتمساح الدميرة والصقر المخوى جميعها ألقاب مبنية على القسوة وليست على القوة مبنية على الهدم وليست على البناء أو التفكير الإبداعى حتى فى مناسبات الأفراح هناك بعض القبائل تعلن عن قسوتها بإستخدام البطان حتى تسيل دماء المشاركين فى الفرح مع سبق الإصرار والترصد بصورة تجعل الألم والوجع صورة من صور الفراسة والشجاعة وهى فى حقيقة الأمر نوع من أنواع تعذيب الذات على سمع ونظر الحضور وهناك من يقدم على طعن نفسه بالسكين ولو أدى ذلك الى هلاكه تعبيرا عن فرحه وسعادته بمناسبة سعيدة يحولها الى مأتم أما إستخدام الأسلحة النارية فقد حولت كثيرا من الأفراح الى أتراح وتحولت معها صالات الأفراح الى سراديق عزاء*.

*لا يوجد شعب فى العالم يحض أبنائه على الموت مثلما يفعل الشعب السودانى وتنادي الأناشيد والمواويل بإعلاء قيمة الموت على الحياة (ما كت دايرة ليك الميتة أم رمادا شح وصدرك موشح بالدمى) وكثير من أدبيات أعلاء شأن الموت فى اللاشئ وحتى معركة كررى التى مات فيها أكثر من أربعة عشر ألف مقاتل سودانى فى سويعات ونحتفل بها سنويا ونتغنى بها هى مجرد هزيمة لجيش الخليفة عبدالله وللثورة المهدية وكذلك أم دبيكرات التى قتل فيها الخليفة عبدالله ونحن نحتفل بذكرى الهزيمة ولا نفكر فى بناء المستقبل ونكتفى بالماضي ولو كان مخز ومحزن ولا نفكر فى الحاضر ولا ننظر للمستقبل* .

*هل يعقل أن تكون هناك دولة فى العالم يتقاتل شعبها قبل إعلان الإستقلال وتسيل دمائهم حتى هذه اللحظة وكل معاركهم فيما بينهم لم يخوضوا حربا ضد عدو مباشر إلا لماما فهو شعب عدو نفسه منذ احداث توريت ١٩٥٥ التى إنتهت بإنفصال دولة الجنوب واحداث عنبر جودة والجزيرة ابا وودنوباوى والذراع الطويل واحداث دارفور من العام ٢٠٠٣ والى يومنا هذا وحتى الثورات الثلاث إكتوبر ١٩٦٤ وأبريل ١٩٨٥ وديسمبر ٢٠١٨ جميعها تم إفراغها من محتواها وتحولت الى نغمة على الشعب السودانى وبذلك يستحق الشعب السودانى أن يمنح لقب الشعب التعيس بدرجة إمتياز*.

*أما ما يدور الآن من صراع وخرب وموت ودمار فى الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة وسنار هو مجرد صراع سياسى بأدوات عسكرية السياسين هم من أوصلوا السودان الى هذه المرحلة بعد أن قاموا بتغذية خطاب الكراهية وتعظيمه وقسموا الشعب السودانى الى مكونات جلابة وغرابة وعبيد وعرب وأولاد فداديات وزرقة وعرب وقحاتة وفلول وكيزان وكنداكات وشفاتة وراستات وسانات وأولاد (سريات) وجميعهم لم يتعلموا ابجديات التربية الوطنية بقدر ما أنهم مشحنون تماما بالكراهية والحقد وعدم قبول الآخر وعدم الإستماع للرأي الآخر ولم يعد هناك أدنى توافق بين مكونات الشعب السودانى ومن الطبيعى جدا أن تندلع الحرب وتتناثر الجثث والأشلاء والضحايا ومن كل بيت مفقود ولد وفى كل بيت أرملة ويتيم ومحروقة حشاء وثكلى*.

نص شوكة

*شعب يستقوى بالغريب على إبن جلدته يساعد المستعمر على غزو أرضه وإستباحة عرضه ودونكم الذين سبحوا بحمد فولكر ولعقوا حذائه ظنا منهم أن فولكر اقرب إليهم من حبل الوريد وأنفع إليهم من بنى جلدتهم حتى إحترق السودان وغادره فولكر فى صمت خجول*.

ربع شوكة

*السودان فى حاجة الى كتابة تاريخ جديد وصياغة منهج تربية وطنية وفى حاجة الى إعادة أدوات ضبط شعبه وإفراغ محتوى ومستوى ثقافة الموت والحقد والكراهية من ذاكرة الأجيال القادمة.

إلا أن الكاتب الصحفي محمد خير عوض الله، رد على ياسر محمود بمقال تحت عنوان “مقاتل يعيب على الشرفاء القتال”
وقال محمد خير:

الأخ العزيز المجاهد ياسر البشر، قرأت مقالك اليوم الجمعة 30 أغسطس 2024م، والذي اجتهدت فيه لإسكات صوت الفروسية في الشعب السوداني، وإخماد جذوة الجهاد فيه، وازدراء تراثه العظيم في استنهاض الهمم لرفع الضيم ومقابلة المعتدين! ويبدو هذا المقال الغريب، يناسب تماما زمان الغرائب والعجائب،
فالكاتب مقاتل شرس، والشعب الذي يطالبه بالتخلي عن تمجيد القتال، يتعرض لمؤامرة ضخمة غير مسبوقة!! وأرجو أن تسمح لي بهذا التعقيب، فإنه، من المؤسف جدا أن ينبري شخص لمهمة ضخمة (إعادة كتابة تاريخ السودان) وهو نفسه يمارس التغبيش والتسطيح والتزييف بهذه الطريقة الساذجة !! أن يضع إنسان فكرة مركزية لمقال، ثم يشمر يحتطب ليحشد الشواهد لهذه الفكرة، ويضعها في سياق مسلمات، ويصدر عن ذلك أحكاما قاطعة، وأوصافا جامعة مانعة، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى أو شواهد داحضة، ويمضي بقوة الواثق لايلوي على شيء!!
يا أخي قليل من التواضع لا يضر !!
الشعب السوداني الذي تصفه بالتعاسة، بشكل قاطع، وأنه لايعرف سوى الموت، هو نفسه الذي منح الحياة قيمتها في كثير من دول العالم، وبالضرورة داخل الوطن رغم الحروبات.. وهنا واحدة من تجليات عبقريته.. فالشعب الذي تغذي المؤامرات فيه الحروب، هو نفسه الذي أنجب الأفذاذ والعباقرة في كافة المجالات وغذوا الوجدان الإنساني بالروائع الخالدة في كل فن وضرب من ضروب الإبداع.. وأهدوا مكتبة الحياة الجمال ينطق وينبض في كل مجال.
يا أخي هون عليك، وتواضع لأجل الحق والحقيقة التي يعيشها الناس وهي كالشمس لايمكن حجبها بأصبع!!
استلال الأمثلة من سياقاتها، وتجميع الشواهد بغير دلالاتها، للتحشيد والتغبيش، أمر لايليق بمن ينصب طاولة لاعادة كتابة التاريخ!! الشواهد في تمجيد الموت على الحياة في سياق الفروسية، ورفض الضيم، من المكرمات التي يمجدها التاريخ نفسه في كل عصر وفي كل مصر، والقرآن الكريم يدعوا للحياة الكريمة، ونبذها والخروج عن حالات الذل والاستعباد والاستضعاف، ويمجد الموت ويحث عليه في مواضع كثيرة، ويقدم المكافآت والجوائز للمتسابقين على الموت، ويمنع أن نصف من يقتلوا بأنهم أموات! أي تمجيد هذا.. كل حالة في سياق مختلف.

فهل تريد من شعب السودان أن يمجد الحياة في كل حال؟ مع الاستعباد مثلاً؟! إذا كانت دعوتك هذه صحيحة سليمة، في هذه الحالة، تكون كل الروائع التي تتغنى بالأمجاد، من أبوقطاطي الفينا مشهودة، وإسماعيل حسن بلادي بلادي أهلاً، وقبلهم خضر حمد (إلى العلا) ويوسف التني في الفؤاد ترعاه العناية، والعشرات، بل المئات، من الروائع، كلها حسب دعوتك الغريبة، كلها تصبح من الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب السوداني، حيث عمدت على تغذية روح الفداء فيه ومنعت وجدانه من قبول التعايش مع الذل والإهانة!!

الغريب جدا، أن صاحب الدعوة يحمل سلاحه مقاتلاً، ليموت هو ويمنح الآخرين الحياة!! ويدعوا الجميع لحمل غصن الزيتون، ويسمي مساحة مقاله (شوكة حوت)!! فمن يحتاج المراجعة؟!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى